معالي د. فارس البريزات، 2018.10.15
المدخل الأساسي والأهم لإظهار الاحترام والتقدير “للشعب الأردني العظيم، الصابر والوفي، أهل العزم والإرادة الصلبة،” هو الإنصاف وتكافؤ الفرص.
الأردنيون يستحقون أفضل بكثير مما يُقدّم لهم من خدمات الصحة والتعليم والنقل والنظافة. إنصاف الأردن يأتي من إنصاف مواطنيه بشكل أساسي وإذا كان المواطن يشعر بالإنصاف فإنه سينصف الأردن الذي أنصفه وسينصف كل من ينصفه خصوصاً في الاستجابة لأولوياته الخدماتية الأساسية التي لا يرضى عنها اليوم نحو نصف المجتمع خصوصاً النظافة العامة التي تقض مضاجع نحو نصف الناس.
التحديات التي أشار إليها جلالة الملك في خطاب العرش ليست بجديدة ، ومن واجب الكل العمل عليها دون تلكؤ أو إنكار من أجل إنصاف الأردنيين والأردن الذين يستحقون الكثير والأفضل. وكما قال جلالة الملك أن المسؤولية تتلازم مع المساءلة من خلال الأطر المؤسسية والدستورية للمسؤولية والمحاسبة بين السلطات وداخلها. والرأي العام الأردني اليوم يدرك ويعي ويعرف كل شيء ومن لا يحاسب نفسه من المسؤولين سيحاسبه الرأي العام سراً وعلانية وسيضغط من كل مكان لتحقيق ما يستحقه الأردن والأردنيين. فاليتواضع وليتحلل المسؤولون من حالة الانكار للمشاكل وتصغيرها وعدم الإكتراث بها والتعالي على أهل العزم من الأردنيين.
إن إحساس نحو نصف الأردنيين بعدم وجود تكافؤ الفرص مؤشر مقلق ويُعبّر عن ضعف الإحساس المجتمعي بالإنصاف. فحسب استطلاع مركز نماء لاستطلاع الرأي في شهر ايلول 2018 ارتفعت نسبة الأردنيين الذين يقولون بأنه “لا يوجد تكافؤ فرص على الإطلاق” في الأردن إلى 46% من 40% في شهر حزيران 2018، بالمقابل قال 3% فقط أن تكافؤ الفرص يوجد إلى درجة كبيرة في الأردن. هذا ما يُضعف، ولا يُنهي، حماس أهل العزم بإنصاف بلدهم.
المؤشرات التي نراها اليوم هي ذاتها التي كانت سائدة في شهر نيسان 2018 قُبيل الاحتجاجات التي أطاحت بحكومة الملقي وفريقه الاقتصادي. حالة الإحباط العامة الموجودة اليوم والمتمثلة بإعتقاد ثلثي الأردنيين بأن البلد تسير بالاتجاه الخاطئ حسب آخر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية هي ذاتها في شهر نيسان. وثلثا الأسر الأردنية تقول إن وضعها الاقتصادي اليوم أسوأ مما كان عليه قبل 12 شهرا. وانخفضت التوقعات بتحسن اقتصاد الأسرة من 45% في حزيران إلى 25% في شهر ايلول، ويتوقع نحو نصف الأردنيين أن يسوء وضع أسرهم الاقتصادي خلال الاثني عشر شهرا المقبلة (كان 26% في حزيران). ولعل المؤشر الأكثر إقلاقاً هو ارتفاع نسبة الأسر التي تقول إن دخلها لا يكفي نفقات احتياجاتها وتواجه صعوبات إلى 72% الآن مقارنة بنحو 42% في شهر تموز 2011.
هذه التحديات تُعالج بالبرامج الاقتصادية التنموية الكبرى القابلة للتحقيق إذا ما قام المكلفون من قبل دافعي الضرائب بواجباتهم فعليا أكثر من إبداء حسن النوايا والدعوات وإبداء الرغبة والتطمينات والعلاقات العامة. نعم فالأردنيون كما قال جلالة الملك يستحقون كما يريدون دولة قانون حازمة وعادلة ومنصفة ومنتجة، واقتصادا منيعا وخدمات أساسية متميزة، ودولة قانون وحرية وديمقراطية لا تحابي ولا تميز خالية من الفكر الظلامي وما يقود إليه. وان شاء الله خيراً.
الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2018.10.15. الرجاء النقر هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.