معالي د. فارس البريزات، 2018.11.19
عقد منتدى الاستراتيجيات الأردني يوم أمس جلسة حوارية حول تنافسية الأردن بحضور وزير الاستثمار ووزير الصناعة والتجارة ونحو 80 مستثمرا محليا، ولم يقل أي من الحضور أن البيئة الاستثمارية خالية من المعيقات، بل كان لكل متداخل قصة أو أكثر مع أداء القطاع العام في موضوع الاستثمار. بالمقارنة مع المنطقة العربية يحتل الأردن المرتبة الثامنة بعد دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان على مؤشر التنافسية.
وتمحورت مداخلات الحضور حول كلفة الأعمال من ناحية التسجيل وإجراءاته وطول المدد اللازمة للتسجيل والمماطلة غير المبررة وغير المهنية من قبل الموظفين. وكلفة الطاقة التي تشكل عائقا حقيقيا أمام الاستثمار وبيئة طاردة ليست فقط للصناعة، وإنما أيضا للشركات العاملة في قطاعات الخدمات مثل السياحة والزراعة.
ويضاف لكلفة الطاقة كلفة المياه وشحها في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة. ولا يستثنى من هذه العوائق كلفة النقل، إذ كيف يمكن تبرير أن تكون كلفة نقل حاوية من الصين إلى العقبة 700 دولار ويكلف نقلها من العقبة الى عمان ذات المبلغ تقريبا حسب ما قال وزير الاستثمار؟
ومن المشاكل العميقة التي تواجه المستثمر الوصول للتمويل وكلفته، فليس من المعقول أن يضطر مستثمر بغض النظر، إن كان كبيرا أو صغيرا إلى الاقتراض لإنشاء أو توسيع أعماله بسعر فائدة بين 9 % – 14 % . وأيضا بطء القطاع العام في التعامل مع قطاع الأعمال وضعف المساءلة للموظفين الذين لا يستجيبون لمراجعيهم بشكل مهني ومحترف وفي الوقت المناسب. فمن غير المقبول أن لا ترد وزارة ما على كتب رسمية توجه لها إطلاقا. ومن غير المقبول أن ترد بعد طول معاناة ومراجعات واتصالات وواسطات للحصول على إجابة يفترض أن تكون تحصيل حاصل من موظفين مهنيين ومحترفين.
عندما يقول نحو 60 % من المستثمرين الأردنيين أن البيئة الاستثمارية غير مشجعة ويعزون ذلك للبيروقراطية وارتفاع الضرائب والفساد الإداري وعدم الاستقرار التشريعي حسب استطلاعات مؤشر ثقة المستثمر الأردني التي تنفذها نماء للاستشارات الاستراتيجية بالتعاون مع منتدى الاستراتيجيات الأردني منذ العام 2016.
رفع كلفة الخطأ على المقصرين بأداء واجباتهم يجب أن لا تقتصر فقط على عقوبات إدارية غير مؤثرة ولا تغير من الحال ولا تحل المشاكل العالقة، ينبغي أن تتجاوز هذه لتصل لحساب كلفة الفرص المهدورة بسبب التقصير الإداري غير المبرر بشكل مقنع. خصوصا وأننا نعاني من نسب بطالة مرعبة وخصوصاً في المحافظات الأقل تنمية ومن ركود اقتصادي ثقيل ونحو مليار وربع مليار شيكات مرتجعة والآلاف من المطلوبين للتنفيذ القضائي.
في هذه الظروف من غير المعقول أن نستمر بالتعامل مع المقصرين بعملهم وكأن شيئا لم يكن، وأن الأمور تسير بشكل ملائم. قال المستثمرون اليوم إنها ليست كذلك وينبغي الاعتراف بهذا الحال للوصول لحلول عملية توطن الاستثمار الأردني في الأردن وتجذب الاستثمار الخارجي الذي سيساهم في النمو الاقتصادي وحل مشكلة البطالة. ويجب أن يبدأ هذا بقطاع النقل السككي وبأسرع وقت لأنه كالشرايين في الجسد للاقتصاد والتنمية.
الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2018.11.19. الرجاء النقر هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.