معالي د. فارس البريزات، 2019.03.18

بالرغم من اختلاف المعنيين بالشأن السياسي الداخلي على أولويات الإصلاح السياسي ومعناه ومضمونه الإجرائي وتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، إلا أن الأغلبية منهم يتفقون على ضرورة تعديل نظام تمويل الأحزاب من أجل تقديم حوافز مالية للأحزاب لكي تقدم نفسها للجمهور على أسس حزبية بحتة وليست شخصية وجهوية. 
وقامت الحكومة مشكورة ممثلة بوزارة الشؤون السياسة والبرلمانية بتقديم مقترح “تطوير نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب” التزاماً منها بتنفيذ ما ورد في خطة أولويات عمل الحكومة 2018-2019 مستندةً إلى مخرجات اللقاءات الحوارية التي عقدتها الوزارة مع الأحزاب السياسية، وإلى المعايير والممارسات الدولية في تمويل الأحزاب السياسية. أهم ما في المقترحات المقدمة من الوزارة هو مقترح مؤشرات الأداء الذي سيعتمد أساسا للتمويل والمزيد منه كلما تحسن أداء الحزب على هذه المؤشرات. 
ومن هذه المؤشرات ربط الدعم المالي للأحزاب بعدد أو نسبة المرشحين الذين يقدمهم الحزب بشكل معلن أمام ناخبيه وقاعدته الانتخابية بما ينسجم مع قانون الانتخاب الساري المفعل عندئد. المؤشر الآخر المهم أيضاً هو النسبة التي يحصل الحزب او الائتلاف الحزبي عليها من أصوات المقترعين وسيتم تحديد حد أدنى لذلك وربطه بنظام تقسيم الدوائر الانتخابية والنظام الانتخابي. ويتطلب هذا أن يبقى هدف تقليص عدد الأحزاب وفاعليتها وقوتها بين الناس هو المقصد النهائي وليس الحفاظ على مصالح الأحزاب الذاتية الراهنة. المؤشر الثالث هو عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب بحيث يُخصص دعم مالي سنوي لكل مقعد يفوز به الحزب “مع وجود حد أعلى”. لكي يتحقق الهدف الأكبر لا بد من أخذ عدد المقاعد التي يحصلها الحزب أوالتحالف الحزبي ليس فقط في الانتخابات النيابية ولكن أيضا في الانتخابات البلدية واللامركزية وربطها طرديا بالتمويل. أما الحد الأعلى المقترح من قبل الوزارة فيمكن أن يتم دراسته بعد ان يشتد عضد الأحزاب وليس الآن. 
المؤشر الرابع هو دعم مالي للأحزاب التي ترشح سيدات أو يفوز منها سيدات بحيث يضاف 10 % من الدعم المقدم لكل مرشحة و20 % من الدعم لكل سيدة تفوز بمقعد من السيدات الفائزات بمقاعد وكذلك بالنسبة للأحزاب التي يفوز منها شباب بحيث يضاف 20 % الى المبلغ المخصص لكل مقعد. وعلى الرغم من أهمية هذا المقترح لتحفيز زيادة تمثيل المرأة والشباب بالعمل السياسي، ينبغي على المنظمات النسائية والشبابية أن تساعد الأحزاب والوزارة من خلال الحوار والضغط لزيادة هذه المخصصات لتوسيع إمكانية التمثيل وجذب هاتين الفئتين أكثر للعمل السياسي البرامجي. والمؤشر الأخير الذي اقترحته الوزارة هو حافز مالي للأحزاب التي تندمج بحيث يحصل الحزب الجديد على هذا الدعم. 
أما الدعم الثابت سنوياً لكل حزب تقترح الوزارة دعما مقداره اثنا عشر الف دينار تصرف على الأجور والمقرات والنفقات التشغيلية لمدة عامين أو حتى موعد إجراء الانتخابات القادمة. ينبغي أن يرتبط هذا الدعم باشتراكات الأعضاء والموارد الذاتية التي يقدمها كل حزب، وربما يكون من المفيد اعتبار الدعم الأساسي ثابتا على أن تقوم الوزارة بدعم الحزب بمقدار ما يقدمه الأعضاء من الاشتراكات على أن تخضع جميع هذه الأموال لرقابة ديوان المحاسبة لأنها اموال عامة من دافعي الضرائب. 
نأمل أن يتم إنجاز هذه التعديلات وتجويدها لكي نتمكن من البدء بنظام سياسي حزبي تنافسي يُمهد الطريق للحكومات البرلمانية المبنية على أسس حزبية. وربما يكون من المفيد أيضاً تعديل قانوني الأحزاب والانتخاب لكي تتناغم المنظومة من خلال إدخال القائمة الوطنية النسبية المفتوحة لكي تتمكن الأحزاب من التنافس على المستويين المحلي والوطني. 

الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة. 

تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2019.03.18. الرجاء الضغط هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.