معالي د. فارس البريزات، 2019.04.08
الأردنيون من أكثر المجتمعات استخداماً للهواتف الذكية والانترنت بالعالم. هذا ما خلصت إليه دراسة ميدانية قامت بها نماء للاستشارات الاستراتيجية بالتعاون مع دي ثري ومعهد بيو للأبحاث العام 2018 وتم نشرها من قبل المعهد قبل عدة أسابيع مقارنة مع إحدى عشرة دولة أخرى.
بينت الدراسة أن 94 % من البالغين الأردنيين (18 سنة وأكثر) يملكون هاتفا خلويا، ونحو 90 % منها يمكن ربطه بالانترنت، و81 % يستخدمون الانترنت، 71 % يستخدمون فيسبوك، 80 % يستخدمون واتساب، 28 % يستخدمون انستاغرام، و24 % يستخدمون سناب تشات، 8 % يستخدمون تويتر على هواتفهم الذكية.
هذه هي البيئة التكنولوجية الخصبة لتداول المعلومات المفيدة والاشاعات الهدّامة في آن معاً. تشير البيانات المتاحة إلى أنه في أول شهرين من العام 2019 تم تداول 81 إشاعة مؤثرة (المنشورة على منصات يتجاوز مستخدميها 5000)، منها 34 اشاعة سياسية، و 32 إشاعة اقتصادية والباقي متفرقة لغاية 1 آذار 2019. وفي شهر آذار انتشرت 27 إشاعة تتعلق بالخطف، 34 اشاعة سياسية واقتصادية.
تكنولوجيا نشر الاشاعة الهدّامة هي ذات التكنولوجيا التي نستخدمها لطلب سيارة كريم التي اشترتها اوبر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار! وهي ذات التكنولوجيا التي جعلت زيد الحسبان وزيد الفرخ وعبدالمجيد شومان والمئات من جيراني من الأردنيين المبدعين في مجمع الملك حسين للأعمال، وقبلهم فواز الزعبي وفادي غندور ومروان جمعة ونايف استيتية وغيرهم، روّاد اعمال مقتدرين مبادرين وناجحين يحملون معاول البناء وينأون بأنفسهم عن معاول الهدم.
على الجانب الآخر يبقى البعض يصر على الهدم من خلال الاشاعة. هذه الإشاعات يتم إعادة نشرها من قبل 85 % من متلقيها، اما الردود عليها وتفنيدها فلا ينشرها سوى 15 % من المتلقين. وهنا بيت القصيد. البعض يعيد النشر دون وعي بأنها إشاعة. والبعض الآخر ينشر فقط للمشاركة مع الاصدقاء والمجموعات وإظهار المعرفة والسبق بنقل ما يعتقد أنه “معلومات”. والأخطر من هذا وذاك هو الذي ينشر ويعيد نشر الإشاعة بهدف محدد مسبقاً ومخطط ومدار بشكل احترافي وبتمويل وتوظيف للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وينبغي أن ندرك أن انتشار الاشاعة يزداد في اوقات عدم الوضوح التي تزيدها الاشاعة تعميةً وغموضاً وتيهاً مما يفسح المجال لمزيد من الاشاعات الهدامة ومزيد من الهدّامين. لم يحسم الرأي العام الأردني موقفه من استخدام الموبايل والانترنت. وهناك تفاوت في تقييمهما من حيث الأثر الايجابي والسلبي على المجتمع وعلى المستخدمين الأفراد. إذ يرى 53 % أن الموبايل شيء جيد للمجتمع، بينما 21 % أنه شيء سيئ. أما على الصعيد الفردي فيرى 82 % ان الموبايل شيء جيد بالنسبة لهم، و8 % يقولون إنه شيء سيئ.
أما وسائل التواصل الاجتماعي فيقول 41 % إن لها أثرا جيدا و 31 % أثرا سيئا على المجتمع. أما على الصعيد الفردي فيقول 62 % إن لوسائل التواصل الاجتماعي أثرا إيجابيا عليهم، 16 % سيئا. فيما يرى 76 % أن للانترنت أثرا سيئا على الأخلاق العامة، 12 % أثرا جيدا، وعلى السياسة 31 % أثرا جيدا و33 % أثرا سيئا، وعلى الاقتصاد 39 % اثرا جيدا، 31 % أثرا سيئا. وعلى الانسجام الأسري 65 % سلبيا، 26 % إيجابيا. وعلى “الكياسة المجتمعية”
72 % أثرا سلبيا، 12 % أثرا إيجابيا.
و90 % يعتقدون أن للانترنت أثرا سلبيا على الأطفال.
على الرغم من هذه الاعتقادات إلا أن استخدام الانترنت له تقييم إيجابي لدى الأغلبية في مجالات مثل التعليم، إذ يرى 71 % ان للانترنت أثرا ايجابيا على التعليم فيما يخالفهم الرأي 23 %. الواجب يقتضي من الجميع في الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة والمجتمع ومؤسساته أن نقف بوجه الاشاعات الهدامة ونبني على ما تم انجازه حتى الآن لترميم وبناء رأس مالنا الاجتماعي الذي تآكل بسبب الضنك الاقتصادي والاشاعات الهدامة التي ساهمت بزيادة الضبابية والتيه.
الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2019.04.08. الرجاء الضغط هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.