معالي د. فارس البريزات، 2018.10.22
يحتاج الأردن حاجة لبناء عملية ديمقراطية تشاركية وأكثر شمولية وذلك لإشراك المواطنين الأردنيين بشكل أفضل في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم، وتحديدا الشباب والنساء، الأمر الذي دعا له جلالة الملك عبد الله لسنوات، كما قام سمو ولي العهد الأمير الحسين بتبني وتمرير قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2250 والمتعلق بالشباب والسلام والأمن من أجل ادماجهم بعملية صنع القرار. فما الذي يمكن فعله لتجسيد هذه الالتزامات؟
في الانتخابات البرلمانية الأخيرة العام 2016 مثل الشباب ممن أعمارهم ما بين 18-30 ما يقارب 1,596,840 من أصل 4,130,145 من المؤهلين للانتخاب، كما بلغ عدد الناخبين المؤهلين ممن أعمارهم بين 17-24 حوالي 978,335 ناخبا، أي 23.6 % من اجمالي المؤهلين للانتخابات، صوت منهم 370,780 شابا وشابة، أي 24.8 % من اجمالي المنتخبين.
أما بالنسبة للشباب ممن أعمارهم ما بين 25-30، فبلغ عدد المؤهلين للانتخاب 618,505 شخصا ليبلغوا 14.9 % من إجمالي الأشخاص المؤهلين للانتخاب، كما قام 191,187 منهم بالمشاركة بالانتخابات، أي 12.8 % من إجمالي الناخبين. وعموما فإن مشاركة الشباب، وتحديدا أولئك ممن هم أصغر من 25 سنة، كانت أعلى من المعدل الوطني. يشكل هذا الحال أساسا لمزيد من العمل.
وفي الانتخابات البلدية واللامركزية، فقد ارتفع معدل الإقبال على الانتخاب من 24.2 % في العام 2013 إلى
31.7 % في العام 2017، ويمكن القول بأن السبب في ذلك هو التسجيل التلقائي للناخبين المؤهلين وليس بالضرورة حسن أداء الخدمات المقدمة من البلديات. وكانت مشاركة الشباب في الانتخابات البلدية في العام 2017 أقل من مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية في العام 2016، وتحديدا 37.9 % من الشباب ممن أعمارهم بين 17-24 صوتوا في الانتخابات البرلمانية مقارنة بنسبة 33.3% ممن أعمارهم بين 18-24 في انتخابات البلديات لعام 2017، ويمكن تفسير ذلك من خلال الفرق في سن الانتخاب حيث كان سمح للشباب ذوي الـ 17 عاما بالانتخاب بينما في الانتخابات البلدية كان السن الأدنى هو 18.
نسمع في كثير من الأحيان أن “70% من الأردنيين أعمارهم أقل من 30 سنة”، والآن بإمكاننا الجزم بأن ما يقارب ثلث المؤهلين للانتخاب يصوتون، كما أن ثلث الشباب المؤهلين للانتخاب يصوتون أيضا، وعليه فإن الشباب يقومون بدورهم في التصويت ويجب أن يقوموا بأكثر من ذلك. ولكنهم لا يستطيعون القيام بأكثر من ذلك فيما يتعلق بالترشح للانتخابات، حيث إن المزيد من المرشحين الشباب يعني المزيد من القوة السياسية للشباب، الأمر الذي ينعكس إيجابا على مستقبل المملكة.
وعليه فإن هنالك شرطا دستوريا يحتم على المرشح لمجلس النواب أن لا يقل عمره عن 30 عاما و25 عاما للانتخابات البلدية. كما ينص القانون على أن القضاة لا يجب أن يقل عمرهم عن 30 عاما أيضا. إن هذه المحددات قابلة للتغيير كما تغيرت في السابق مما يتيح للشباب المشاركة بشكل أكثر فعالية في الترشح للانتخابات العامة.
وبالرغم من هذه المعيقات ولإدماج المزيد من الشباب في العملية السياسية ينبغي أن نفكر ملياً في إمكانية تخفيض عمر الترشح للانتخابات البرلمانية والبلدية، فذلك حق تمت ممارسته في العديد من الدول، كما كان الأردن الراعي الرئيسي لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2250 الذي يدعو إلى أن تنظر الدول الأعضاء في طرق لزيادة تمثيل الشباب في صنع القرار على جميع الأصعدة المحلية والوطنية، المؤسسات الإقليمية والدولية.
والأردن هو أحد أشد المؤيدين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تسعى لضمان اتخاذ القرارات على نحو شامل وتشاركي وتمثيلي على جميع المستويات. تأييد مثل هذه الأهداف يجب أن يقترن وأن يتبعه العمل والسلوك، وذلك من خلال إزالة الحواجز أمام مشاركة أوسع للشباب مع ترك الحق في ممارسة حق الترشح للشباب أنفسهم.
الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2018.10.22. الرجاء النقر هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.