معالي د. فارس البريزات، 2019.04.22
الإجابة المختصرة هي أن تناغم السياسة النقدية مع الاقتصادية والمالية يشوبه خلل. ويتضح هذا الخلل من خلال سعر الفائدة المرتفع ورفع سعر الفائدة محلياً كلما رفع الاحتياطي الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة على الدولار نظراً لربط الدينار بالدولار. رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة له مبرراته التي تأتي لكبح التضخم الناجم عن النمو في الاقتصاد الأميركي، وهذا النمو ينتج جزئياً من خلال خفض الضرائب. السياسة المالية لا تُساعد السياسة الاقتصادية لأنها تركز على رفع الضرائب مما يُضعف الاقتصاد. وبذلك تكون السياسات الاقتصادية غير مؤثرة إيجابياً في تحسين حياة الناس وبيئة الأعمال.
الأثر السلبي الواقع على الاقتصاد الأردني كبير على الرغم من بعض الآثار الايجابية المحدودة جداً. وهناك مخاوف بين المستثمرين لا يُمكن تجاهلها. إذ تبيّن من نتائج استطلاع رأي 580 من المستثمرين الأردنيين في البيئة الاستثمارية في الأردن نفذته مؤخرا نماء للاستشارات الاستراتيجية، أن
72 % من المستثمرين يرون بأن ظاهرة إغلاق المنشآت الاقتصادية في الأردن حقيقية جداً، و16 % قالوا أنها حقيقية إلى حد ما، و5 % يعتقدون أنها حقيقية الى درجة ضئيلة، في حين شكلت نسبة من يعتقدون بأنها غير حقيقية
4 % من المستجيبين. هذا يرتبط بمؤشر غير ملحوظ بالتهافت من قبل النخب الاقتصادية وبعض السياسية على الحصول على جوازات سفر اجنبية وأصبحت تقام لها “معارض استثمارية” ولها وسطاء ومقاولون وتجار.
ولكن الأخطر هو أن 42 % من المستثمرين قالوا بأنهم يعرفون شخصياً “شركة او منشأة ستقوم بنقل اعمالها خارج الأردن العام 2019 “، في حين أفاد 55 % من المستجيبين بأنه ليس لديهم معرفة شخصية بمنشآت اقتصادية ستغلق أو ستنتقل من السوق الأردني إلى دول اخرى.
الأخبار عموما هي أخبار سيئة. ونادراً ما يتناقل الناس الأخبار الايجابية ويزداد انتشار الأخبار السيئة كلما ندرت الأخبار الإيجابية، تماماً مثل أنماط انتشار الإشاعة. إذ تبين أنه عند سؤال المستثمرين؛ “هل تعرف أنت شخصيا منشأة اقتصادية أُغلقت أو انتقلت الى دول أخرى في العام 2018″، أجاب ثلاثة أرباع المستثمرين بـ “نعم”، في حين بلغت نسبة من أجابوا بـ ” لا” 25 %. ربما يعرف المستثمرون ذات الشركات التي أغلقت أعمالها. ولكن في ظل المناخ السلبي ينتشر “الخبر” سواء كان حقيقة أم إشاعة.
الوجهات العربية الأكثر جذباً للشركات الأردنية هي مصر والإمارات وقطر. عند سؤال المستثمرين “باعتقادك، ما هي الدولة العربية الأكثر جذبا للمستثمرين الأردنيين؟ سمّى 37 % مصر، و24 % الامارات، و8 % قطر. أما الوجهة الأجنبية فسمّى 70 % تركيا، و4 % لكل من الولايات المتحدة وكندا.
هذه المؤشرات، وغيرها مما سينشر لاحقاً، توصل رسالة تحذيرية من المستثمرين للمعنيين في تصميم وتنفيذ السياسات العامة خصوصاً الاقتصادية المتعلقة بالضرائب وكُلف التشغيل وأهمها كلفة الطاقة التي تدفع المستثمر الأردني خارج المنافسة.
الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2019.04.22. الرجاء الضغط هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.