د. زيد نوايسة – 18-10-2021
يعود مركز نماء للاستشارات الاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور لتقديم استطلاعه السنوي عن حلفاء الأردن، كما يقيمهم وينظر لذلك المواطنون الأردنيون من خلال قياسه للرأي العام الأردني وموقفه من السياسة الخارجية وتحالفاتها مع العالم والاقليم والجوار العربي.
آخر استطلاع كان في العام 2019، العام الماضي لم يجر المركز استطلاعه ربما لأن جائحة كورونا أخذت حيزاً مهما في العلاقات الدولية وكان الجميع تحت وقعها؛ في الاستطلاعين السابقين في العامين 2018 و2019، بدت مواقف الأردنيين خاضعة لهواجس تداعيات صفقة القرن في حال إنفاذها وعزز من ذلك القلق وجود ادارة اميركية اتسم موقفها بالبرود مع الأردن؛ بالإضافة لتداعيات الأزمة السورية والنفوذ الايراني في المنطقة وتأثيره على الأردن.
أمس، أعلن رئيس مجلس ادارة المركز وزير الشباب السابق الدكتور فارس بريزات في ندوة حضرتها شخصيات سياسية ودبلوماسية واعلامية وباحثون اكاديميون نتائج الاستطلاع الثالث الذي اعتمد على عينة ممثلة لكافة شرائح المجتمع الأردني، مبيناً كيف ينظر الأردنيون لحلفاء بلادهم من ناحية الاهمية الاستراتيجية والمصالح المشتركة.
ما تزال الولايات المتحدة الاميركية تأخذ الصدارة في الأهمية كأكبر داعم اقتصادي وحليف سياسي، وتليها المملكة العربية السعودية ومصر وبنسبة 55 % لكليهما ثم على التوالي تحتل بريطانيا وتركيا وقطر والامارات.
بالمقارنة مع الاستطلاعيين السابقين؛ نلحظ النتائج نموا ملموسا في آخر استطلاع لناحية الرغبة في تعزيز العلاقات ورفع وتيرة التعاون والتنسيق خاصة على المستوى الاقليمي والعربي وتحديدا جوار الاردن العراق ومصر (الشام الجديدة)، إلا أن هناك بالمقابل ارتفاع في نسبة الذين يرغبون في الحد من العلاقات مع دولة الاحتلال وهذا مفهوم وطبيعي نتيجة السلوك العدواني المتغطرس نحو الشعب الفلسطيني ومحاولات التأثير على الدور الأردني في الوصاية الهاشمية وقبل كل ذلك القلق المتنامي لدى الأردنيين من خطورة انجاز تسوية الامر الواقع تتجاوز مصالح الأردن الاستراتيجية وتمس أمنه القومي.
اللافت للانتباه والمريح بنفس الوقت أن هناك نسبة متزايدة ناهزت نسبة 90 % تبين حماس ورغبة الأردنيين بأن يكون لبلادهم دور اكبر على المستوى العربي والاقليمي وهذا يظهر حجم الارتياح لدور جلالة الملك عبد الله الثاني المتنامي على المستوى العربي والاقليمي والدولي؛ لعل حضور الملك الفاعل اثناء ازمة كورونا ودعوته لتكريس الجهد العالمي في مجابهة الوباء والتنبه لتداعيات ومخاطر حالة الاغلاقات وانعكاسها على الامن الغذائي وتحركه للتأسيس لتعاون ثلاثي اردني مصري عراقي وايضا اشتباكه مع الادارة الاميركية الجديدة في ملفات المنطقة واهمها القضية الفلسطينية واحياء حل الدولتين وتبني مقاربة جديدة قد تفضي لدور كبير للأردن يساهم في خروج سورية من محنتها ساعدت في تنامي هذا الاتجاه.
يخلص رئيس مجلس ادارة نماء للاستشارات الاستراتيجية؛ أن الرأي العام الأردني عقلاني ومتوازن ويتسم بالثبات فيما يتعلق بمصالح الأردن الاستراتيجية في تعاطي الدولة مع سياستها الخارجية، وبنفس الوقت يرى ان هذا النمط العقلاني من الادارة لسياسة الأردن الخارجية ساهم في تجنيب الأردن العديد من الازمات التي عصفت بالمنطقة.
ما لم يقله الاستطلاع بشكل صريح ولكنه اشار ضمنياً له أن ثمة تعقيدات واضحة في تحالفات الأردن الخارجية وهي بالرغم من اهميتها مع قوة عظمى كالولايات المتحدة الاميركية وخاصة في مجال الدعم الاقتصادي ومكافحة الارهاب ودعم استقرار الاردن ولكنها وبفعل انحيازها لمصالح دولة الاحتلال تبقى هذه العلاقات خاضعة للتهديدات ومثل هذا ينطبق على بعض دول الجوار التي تنظر بعين القلق لاتساع مساحة الدور الأردني وتريده تابع لا مستقل او تشاركي على الاقل.
المهم هنا أن الأردن في تحالفاته لم ينطلق من مصالحه الخاصة فقط بل كان حريصا على توظيفها لخدمة محيطة العربي والمحافظة على الامن القومي العربي.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2021.10.18. الرجاء الضغط هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.