معالي د. فارس البريزات، 2018.10.08
الأصل أن يكون لدى الأغلبية الكبرى من الأردنيين قناعة بأن الدولة بكافة أجهزتها فعّالة جداً. والأصل كذلك ان ينعكس هذا الاعتقاد على مدى الرضا عن الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة المختلفة للناس مقابل الضرائب والرسوم التي تجنيها منهم ومسؤولية الدولة عن مصالح الناس وقوامتها عليها.
ولتوضيح هذا البعد سنعرض موقف الرأي العام الأردني حسب استطلاع للرأي نفذه مركز نماء لاستطلاع الرأي في شهر حزيران 2018 على عينة وطنية ممثلة من 1525 مقابلة. وتم طرح السؤال التالي إلى أي درجة تعتقد أن الحكومة فعّالة وكانت النتائج كالتالي (فعالة جداً 14%، فعالة 46%، فعالة قليلاً 16%، غير فعالة 16%). وهذا يعني أن نحو ثلث الأردنيين البالغين يعتقدون بعدم فعالية الحكومة او بفاعلية قليلة للحكومة.
لنتذكر كذلك أن هذا الاستطلاع كان قد نُفذ بعد تشكيل حكومة الدكتور الرزاز بأسبوع (20-29 حزيران) وهي الفترة التي سادها إحساس إيجابي ومتفائل بين الناس. وربما ترتفع هذه النسب كثيرا إذا ما تم إعادة طرح السؤال مرة أخرى هذه الأيام خصوصاً بعد التراجع الكبير الذي سجله الرأي العام في تقييم أداء الحكومة حتى الآن. خصوصاً أن 26% (استطلاع ايلول 2018) يعتقدون بأن لسياسات الحكومة أثرا سلبيا على حياتهم.
ولكن هذا لا يعني أن سيادة القانون تأخذ نفس المنحى. إذ أن رضا الناس عن مستويات الأمن في أحيائهم وفي الأردن عموما مرتفع جداً ولم يتغير بشكل جوهري منذ العام 2011 على الرغم من الأحداث الكبيرة والأحداث الصغيرة التي مرت بها البلاد وهذا يؤشر إلى مدى الرضا عن أداء المؤسسات الأمنية وهو ما يعني فعّاليتها. وحسب استطلاع نماء لشهر ايلول 2018، بلغت نسبة الأردنيين الذين يعتقدون انه لا يوجد سيادة قانون في الأردن 11%، و13% يعتقدون بوجود سيادة قانون لدرجة قليلة، فيما يعتقد 31% أنه يوجد سيادة قانون إلى درجة كبيرة و39% إلى درجة متوسطة. قد ترتفع نسب من يعتقدون بعدم وجود سيادة قانون في الأردن إذا ما تكررت الأحداث المؤسفة مثل مقتل الطفل البريء هاشم الكردي وأحداث مستشفى البشير.
أخطر ما يمكن أن نتعرض له اليوم هو التعميم الجائر من هذه الحوادث وصبغ الأردن بلغة “فلة حكم” التي راجت مؤخراً وبشكل جائر وغير منصف وغير موضوعي من قبل بعض مخاطبي الرأي العام.
إذ أن أفضل من يحكم على سيادة القانون في الأردن هم الأردنيون الذين ترى أغلبيتهم (70%) أن سيادة القانون موجودة إلى درجة كبيرة أو متوسطة. وهذا لا يعني إطلاقاً شرعنة حالة الإنكار وتسفيه موضوع سيادة القانون عند البعض، ولا يعني أيضا تضخيم القصة لحدود تجعل المتلقي يشعر بأن الدولة انهارت وفشلت، بل يعني أن نعترف بحجم المشكلة كما هو وكما يراه الرأي العام صاحب المصلحة الأهم في الأمن والاستقرار ومعالجة الخلل الذي يؤشر عليه جزء مهم من الرأي العام الأردني.
الكاتب هو معالي الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس الإدارة في مركز نماء للاستشارات الاستراتيجيّة.
تمّ نشر هذه المقالة في جريدة الغدّ بتاريخ 2018.10.08. الرجاء النقر هنا للاطلاع على المصدر الأصلي.